في صباح شباطي بارد وأنا في طريقي إلى عملي وبين يدي صحيفتي المعتادة، لمحت قطرات لؤلؤية متساقطة فاقتربت منها.. فوجدتها دموعاً منسية تذرفها فتاة ذات عيون سود ووجه شاحب، وهي في ربيع عمرها جالسة تحت شجرة وارفة الظلال تقع قرب شاطئ الأحلام.. وباقترابي قلت لها: أيمكن أن اجلس هنا؟ فأجابت بهمسٍ كان اشد
برداً من يومنا: بالتأكيد يمكنك فبالأمس كان هذا المكان لي وملكي.. وأما اليوم فلم يعد..!
عندما بدأت ملامح الفضول بالتزايد في داخلي لمعرفة سبب حزنها بعد ردها المحاط بأسوار مليئة بالغموض والإبهام..! وبدء الحديث عن الأسباب التي جعلتها ثكلى بالأحزان وعينيها اللامعتين تنهمران بالدموع.. جعلتني أشاركها دموعها المحترقة في حدقتيها وعبراتها المختنقة تحت أنفاسها وبدأت تفتح لي مكنون قلبها، لتقلب لي
أوراق الذاكرة وصفحات المذكرات وتنفض عنهما غبار حب ممزق، حب خط له القدر
أعتاب نهايته وهو في أول خطواته، حب انتهى قبل
بدايته..!
وبدأت تسترجع الفتاة أولى الساعات لروحين، لهما أول الكلام، حينها بدأت بنسج
خيوط الشمس الذهبية مع ضوء الصباح البارد لتمزجهما سوية مع مرارة كأسها ولترتشفه مع صبرها الذي اكتشفت ان لا نهاية له إلا بنهايتها..! ولتقص لي قصة قلبها التائه بين غابات الاحزان... القلب الذي رأيته كحمامة واقفة فوق أغصان الوهم، تلوذ وتنوح
بأشجانها المتكسرة على صخرات الألم..! وبدأت تتصفح الصفحات والأوراق الأولى من ذاكرة حبها لتريني ما نقش فيها من حب ووفاء وذكرى وصدق ونقاء، لتريني أيضا كيف جمعت صدفة القدر قلبين في لحظة كانت تمطر السماء فيها بهجة
وهناء، اللحظة التي كانت غيومها فيها مثقلة وممتلئة بالوجد ودعوات الحب الصادق
كي تعصف بهما إلى مدن الرومانسية الحالمة..! ثم انتقلنا سوية إلى الصفحة الثانية: فوجدت فيها لهفة اللقاء مع فارسها المنتظر الذي كان يمتطي جياد الرقة والحنان،
وعد الساعات والدقائق، ولوعة الانتظار، وصور رسمت لي بوح العيون بصمت وسمعت من
خلال هذه الصفحة رنات اجراس القلب المبتهجة بكرنفالات الحب وفرحة المحب.. ورأيت في عيونها جدران قلبها المتصدعة بسبب البعد والرحيل والهجران وشموع قلبها ومواقد
عشقها المنطفئة بالنسيان واستذكاراً للحظات التي نفضت ما تيبس من مواعيد لم
تتحقق لتعود إلى شجرتها مع قلب وعيون مليئة بالخذلان..! وأما في الصفحة الثالثة: فقد
رأيت في قلبها اللهفة التي ترنو إلى محب لم يعد يكتب اسمه في مذكرات الأيام وبات كوجع يستشف بها في كل لحظة ليذكرها بأنه كان معها في مثل هذا الوقت من الأمس
السعيد..!؟ وأخبرتني أيضا بأنهما كانا يقرءان أفكار وأسرار بعضهما البعض دون
الحاجة إلى حروف وجمل وعبارات.. عبارات خطتها قطرات الندى المتدلية من أوراق
ورودهما الندية، وتذكرت كيف كانا ينتزعان الأشواك من دروب السهر والقمر..
في تلك اللحظة وهي تسرد لي ما كان.. انتابني شعور مختلف اخبرني بأنني عشت
وأصبحت ثالثاً لهما.. وبأنني اعرفهما منذ سنوات طوال حينها بدأت اسمع وبوضوح اشد زقزقة عصافير الدار التي كانا بها يحلمان، وازور المدن التي كانا بها يستريحان وتحت
ظلالها يتفيآن، وارى الرؤيا التي كانا يحلمان وعليها يغفوان، وجعلتني أشم عطرها
المعلق فوق ثيابها لأمسك الجليد المذاب من وجهها
وصمتها!
وأما فيما يخص الأوراق والصفحات التالية: فقالت بأنها قد تذوقت بها طعم الحب والسعادة مع الغيرة والشك.. عندما رأت عيناي ألوانا لم اعتد عليها من قبل وسمعت
اناشيد لم ألفها مسبقا..! دقيقة بعد دقيقة وساعة تلو الأخرى بدأت أرى اختلاف الصور، فقد رأيت الوجه المبلل بالأمطار بعدما طرقت الدموع أبوابه ودخلت أعتابه، وتفاجأت
بالإشجان التي رأيتها تنحدر من قمة جبل مثل كرة جليدية متهورة! وأتضح لي كيف
اعتادت الفتاة على السير في نفق مظلم ولا توجد فيه سوى بقعة ضوء خافتة تكلمها حروفاسمه الوهمية الواهية! حتى وصلت إلى العبارات النهائية من صفحات القدر الأخيرة.. فقرأت فيها عن أشلاء قلبين.. قلبها الممزق بسبب البعد والصبر، وقلبه الذي تخاطفته نيران انفجار غادر عندما كان في طريقه إلى شاطئ الأحلام وبين يديه وقلبه خاتم فتاته. تركها ورحل، تركها وحيدة في دروب غرام محطم، تلوذ في كل لحظة بصمتها ولهيب دموعها، لتجمع بهما حفيف شجرتها كي تراه في طيف
غامض عابر، تركها كملاح تائه وسط عواصف سوداء هوجاء في صحاري الشوق، تركها غارقة في ذكراه كي تصافح مرارة الأيام لوحدها.. في تلك اللحظة: رأيت
الأشواق الخارجة من أعماق الروح، محلقة في سماوات الغرام، تبحث عن عصافير
العشق وفراشات الوجد بكل صدق ولهفة، تبحث عنها لتخبرها عما فعلت عواصف
الدهر بتعب منهك وروح جريحة.. لعل أحدا من هذه العصافير، أو حتى شرنقة من
شرنقات الفراش، يستطيع أن يضمد الوجد النزيف، وان يزيل ما غرز فيه من سهام الشوق
القتيل..؟ لكن أيستطيع أي كائن كان العيش بعد أن يذبح بيد القدر المستحيل..!؟
فحبهما كان بالنسبة لي أول غيث وآخر قحط، أول إعصار خرب لي خرائطي، اعصار لم
اعتد عليه ولم أزاول الاستخفاف به، فإيقاع حبهما قر كالقشعريرة فوق أوتار قلبي
ليعزف لآهات الأيام، أهدأ وأرق السيمفونيات..!
وبدأت اردد مع فتاة الأحزان الأغنية التي كانا يرددانها سوية.. وحفظت أبياتا من
قصائد غزل حبهما.. فحبهما كان كموال العاشقين، وترنيمة
المحبين..!
ففي هذه الساعات القليلة التي تحدثت من خلالها إلى هذه الفتاة.. عرفت اشياءً لم
أتطرق إليها في حياتي قط ولم اعرف معانيها...
______________
____برداً من يومنا: بالتأكيد يمكنك فبالأمس كان هذا المكان لي وملكي.. وأما اليوم فلم يعد..!
عندما بدأت ملامح الفضول بالتزايد في داخلي لمعرفة سبب حزنها بعد ردها المحاط بأسوار مليئة بالغموض والإبهام..! وبدء الحديث عن الأسباب التي جعلتها ثكلى بالأحزان وعينيها اللامعتين تنهمران بالدموع.. جعلتني أشاركها دموعها المحترقة في حدقتيها وعبراتها المختنقة تحت أنفاسها وبدأت تفتح لي مكنون قلبها، لتقلب لي
أوراق الذاكرة وصفحات المذكرات وتنفض عنهما غبار حب ممزق، حب خط له القدر
أعتاب نهايته وهو في أول خطواته، حب انتهى قبل
بدايته..!
وبدأت تسترجع الفتاة أولى الساعات لروحين، لهما أول الكلام، حينها بدأت بنسج
خيوط الشمس الذهبية مع ضوء الصباح البارد لتمزجهما سوية مع مرارة كأسها ولترتشفه مع صبرها الذي اكتشفت ان لا نهاية له إلا بنهايتها..! ولتقص لي قصة قلبها التائه بين غابات الاحزان... القلب الذي رأيته كحمامة واقفة فوق أغصان الوهم، تلوذ وتنوح
بأشجانها المتكسرة على صخرات الألم..! وبدأت تتصفح الصفحات والأوراق الأولى من ذاكرة حبها لتريني ما نقش فيها من حب ووفاء وذكرى وصدق ونقاء، لتريني أيضا كيف جمعت صدفة القدر قلبين في لحظة كانت تمطر السماء فيها بهجة
وهناء، اللحظة التي كانت غيومها فيها مثقلة وممتلئة بالوجد ودعوات الحب الصادق
كي تعصف بهما إلى مدن الرومانسية الحالمة..! ثم انتقلنا سوية إلى الصفحة الثانية: فوجدت فيها لهفة اللقاء مع فارسها المنتظر الذي كان يمتطي جياد الرقة والحنان،
وعد الساعات والدقائق، ولوعة الانتظار، وصور رسمت لي بوح العيون بصمت وسمعت من
خلال هذه الصفحة رنات اجراس القلب المبتهجة بكرنفالات الحب وفرحة المحب.. ورأيت في عيونها جدران قلبها المتصدعة بسبب البعد والرحيل والهجران وشموع قلبها ومواقد
عشقها المنطفئة بالنسيان واستذكاراً للحظات التي نفضت ما تيبس من مواعيد لم
تتحقق لتعود إلى شجرتها مع قلب وعيون مليئة بالخذلان..! وأما في الصفحة الثالثة: فقد
رأيت في قلبها اللهفة التي ترنو إلى محب لم يعد يكتب اسمه في مذكرات الأيام وبات كوجع يستشف بها في كل لحظة ليذكرها بأنه كان معها في مثل هذا الوقت من الأمس
السعيد..!؟ وأخبرتني أيضا بأنهما كانا يقرءان أفكار وأسرار بعضهما البعض دون
الحاجة إلى حروف وجمل وعبارات.. عبارات خطتها قطرات الندى المتدلية من أوراق
ورودهما الندية، وتذكرت كيف كانا ينتزعان الأشواك من دروب السهر والقمر..
في تلك اللحظة وهي تسرد لي ما كان.. انتابني شعور مختلف اخبرني بأنني عشت
وأصبحت ثالثاً لهما.. وبأنني اعرفهما منذ سنوات طوال حينها بدأت اسمع وبوضوح اشد زقزقة عصافير الدار التي كانا بها يحلمان، وازور المدن التي كانا بها يستريحان وتحت
ظلالها يتفيآن، وارى الرؤيا التي كانا يحلمان وعليها يغفوان، وجعلتني أشم عطرها
المعلق فوق ثيابها لأمسك الجليد المذاب من وجهها
وصمتها!
وأما فيما يخص الأوراق والصفحات التالية: فقالت بأنها قد تذوقت بها طعم الحب والسعادة مع الغيرة والشك.. عندما رأت عيناي ألوانا لم اعتد عليها من قبل وسمعت
اناشيد لم ألفها مسبقا..! دقيقة بعد دقيقة وساعة تلو الأخرى بدأت أرى اختلاف الصور، فقد رأيت الوجه المبلل بالأمطار بعدما طرقت الدموع أبوابه ودخلت أعتابه، وتفاجأت
بالإشجان التي رأيتها تنحدر من قمة جبل مثل كرة جليدية متهورة! وأتضح لي كيف
اعتادت الفتاة على السير في نفق مظلم ولا توجد فيه سوى بقعة ضوء خافتة تكلمها حروفاسمه الوهمية الواهية! حتى وصلت إلى العبارات النهائية من صفحات القدر الأخيرة.. فقرأت فيها عن أشلاء قلبين.. قلبها الممزق بسبب البعد والصبر، وقلبه الذي تخاطفته نيران انفجار غادر عندما كان في طريقه إلى شاطئ الأحلام وبين يديه وقلبه خاتم فتاته. تركها ورحل، تركها وحيدة في دروب غرام محطم، تلوذ في كل لحظة بصمتها ولهيب دموعها، لتجمع بهما حفيف شجرتها كي تراه في طيف
غامض عابر، تركها كملاح تائه وسط عواصف سوداء هوجاء في صحاري الشوق، تركها غارقة في ذكراه كي تصافح مرارة الأيام لوحدها.. في تلك اللحظة: رأيت
الأشواق الخارجة من أعماق الروح، محلقة في سماوات الغرام، تبحث عن عصافير
العشق وفراشات الوجد بكل صدق ولهفة، تبحث عنها لتخبرها عما فعلت عواصف
الدهر بتعب منهك وروح جريحة.. لعل أحدا من هذه العصافير، أو حتى شرنقة من
شرنقات الفراش، يستطيع أن يضمد الوجد النزيف، وان يزيل ما غرز فيه من سهام الشوق
القتيل..؟ لكن أيستطيع أي كائن كان العيش بعد أن يذبح بيد القدر المستحيل..!؟
فحبهما كان بالنسبة لي أول غيث وآخر قحط، أول إعصار خرب لي خرائطي، اعصار لم
اعتد عليه ولم أزاول الاستخفاف به، فإيقاع حبهما قر كالقشعريرة فوق أوتار قلبي
ليعزف لآهات الأيام، أهدأ وأرق السيمفونيات..!
وبدأت اردد مع فتاة الأحزان الأغنية التي كانا يرددانها سوية.. وحفظت أبياتا من
قصائد غزل حبهما.. فحبهما كان كموال العاشقين، وترنيمة
المحبين..!
ففي هذه الساعات القليلة التي تحدثت من خلالها إلى هذه الفتاة.. عرفت اشياءً لم
أتطرق إليها في حياتي قط ولم اعرف معانيها...
______________
الإثنين مايو 04, 2009 11:29 pm من طرف المخلص في زمن الخيانه
» بر أباه فماذا وجد ؟؟؟
الإثنين مايو 04, 2009 5:38 pm من طرف المخلص في زمن الخيانه
» أغبى طفل بالعالم
الإثنين مايو 04, 2009 1:22 pm من طرف زائر
» قصة جميلة و مؤثرة اقراها بتمعن
الأحد مايو 03, 2009 7:34 pm من طرف القناص
» قصة واقعية
الأحد مايو 03, 2009 10:21 am من طرف صدى الأمواج
» قصة الزوجه الصبوره
السبت مايو 02, 2009 11:00 pm من طرف المخلص في زمن الخيانه
» من سيربح المليون ... حلقة خاصة من الاردن
الخميس أبريل 30, 2009 12:04 pm من طرف صدى الأمواج
» قصة الحب الاعمى يقوده الجنون
الأربعاء أبريل 29, 2009 10:47 pm من طرف المخلص في زمن الخيانه
» قصة قصيرة لكل بنت وشاب سواء تزوجو أو سيتزوجون مستقبلا
الأحد أبريل 26, 2009 10:48 pm من طرف المخلص في زمن الخيانه